أبرزها الأمن الإنساني.. أهم 5 مهددات لظاهرة تغير المناخ
أبرزها الأمن الإنساني.. أهم 5 مهددات لظاهرة تغير المناخ
باتت القضايا البيئية والمناخية جزءا أساسيا في العلاقات الدولية المرتبطة بالأمن والتنمية في جميع دول العالم، كما مثلت عاملا مهما من عوامل التهديد الجديدة في الصراعات والنزاعات الدولية.
وفي عام 2022 خيم شبح تأثير قضايا المناخ على الصراعات الدولية والهجرات البيئية وتهديدات الأمن الدولي والعلاقات بين الدول وغيرها، لا سيما بسبب نقص الموارد وغياب العدالة المناخية بين دول الشمال ودول الجنوب على كوكب الأرض.
ومنذ نهاية القرن العشرين، احتلت القضايا البيئية والمناخية موقعا متقدما على جدول الأعمال الدولي، لتعزيز الوعي بمخاطر ذات طبيعة غير تقليدية تؤدي إلى تهديد أمني عابر للحدود.
ووفق خبراء ومراقبين، فإن التغير المناخي يساهم في خلق 5 مهددات أساسية، وهي الأمن الإنساني والأمن المائي والأمن الغذائي والأمن الصحي وزيادة الهجرة المناخية، ومن ثم ضعف فرص التنمية في المجتمعات.
الأمن الإنساني
تعد الأخطار البيئية عاملا أساسيا ومؤثرا في زيادة معدلات العنف والفقر وعدم المساواة بين الجنسين وانتشار الأوبئة والركود الاقتصادي وغيرها، ما يهدد بتقويض آفاق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة.
ويقول صندوق الأمم المتحدة الاستئماني للأمن البشري، إن هذه الأزمات المعقدة تؤدي إلى نشأة أشكال عديدة من انعدام الأمن الإنساني، لأنها نموها بشكل مضاعف يمس جميع جوانب حياة الأشخاص ويسبب تدمير جماعات محلية بأكملها وتتجاوز الحدود الوطنية.
ويضم الأمن الإنساني خبرات وموارد طائفة واسعة من الجهات الفاعلة من منظومة الأمم المتحدة والحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية، ويسمح ذلك باستغلال أوجه التضامن التي تعتمد على المزايا النسبية لمختلف أصحاب المصلحة.
الأمن المائي
ووفق تقديرات المنتدى العالمي للمياه، فإن ربع سكان العالم -نحو ملياري نسمة- يفتقرون إلى مياه الشرب المأمونة، والنصف -نحو 3.6 مليار نسمة- محرومون من خدمات الصرف الصحي المأمون.
وفي عام 2019، تم تصنيف أمراض الإسهال على أنها ثامن أكبر أسباب الوفاة في العالم، إذ تتسبَّب في إزهاق أرواح 1.5 مليون شخص في أنحاء العالم معظمهم بسبب تدني خدمات مياه الشرب والصرف الصحي.
وعادة ما تكون أعباء عدم توافر الأمن المائي أشد على النساء والفتيات، إذ يؤدي الافتقار إلى تسهيلات ملائمة للنظافة الشخصية في المدارس إلى ارتفاع نسبة التغيب، ويُخلِّف تدنِّي مستويات التحصيل الدراسي آثاراً تستمر مدى الحياة.
الأمن الغذائي
ولا يزال تضخم أسعار الغذاء المحلية مرتفعاً في مختلف أنحاء العالم، لا سيما عقب العملية العسكرية الروسية على الأراضي الأوكرانية، حيث تفاقمت أزمة الغذاء العالمية لعدة أسباب منها تزايد عدد القيود المفروضة على تجارة الغذاء بهدف زيادة الإمدادات المحلية وخفض الأسعار.
وفي نوفمبر الجاري، أعلن البنك الدولي أن المعلومات الخاصة بالفترة بين يوليو وأكتوبر 2022 أظهرت ارتفاعا في معدلات التضخم بجميع البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل تقريباً.
وأوضح أن معدل التضخم سجل 83.3 بالمئة من البلدان منخفضة الدخل، و90.7 بالمئة من الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، و95 بالمئة من الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل، فيما بلغت نسبة البلدان مرتفعة الدخل التي شهدت ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية 86.8 بالمئة.
الأمن الصحي
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن أزمة المناخ تشكل تهديدا كبيرا ومتزايدا للصحة في جميع أنحاء العالم، إذ تؤدي حالة الطوارئ المناخية إلى إحداث آثار صحية واسعة النطاق، كانتشار الأوبئة والأمراض.
ويعاني سكان الدول التي شهدت وقوع الفيضانات، من التعامل مع المياه الراكدة والمخاطر الأكبر لفيضان مياه الصرف الصحي في مساحات المياه المتاحة للجمهور.
وتمثل تهديدات أزمة تغير المناخ على الصحة باعتبارها جزءا من سياسة المناخ الأوسع، بما في ذلك الالتزام بخفض انبعاثات الاحتباس الحراري إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.
الهجرة المناخية
أعلن تقرير حديث للبنك الدولي أن تغيّر المناخ قد يجبر 216 مليون شخص في 6 من مناطق بالعالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050.
وأوضح التقرير أن البؤر الساخنة للهجرة الداخلية الناجمة عن تغيّر المناخ ستظهر جليا بحلول عام 2030، وهي منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وشرق آسيا والمحيط الهادي، وجنوب آسيا، وشمال إفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وشرق أوروبا وآسيا الوسطى.
وخلص التقرير إلى أنَّ التحرك سريعا لاتخاذ إجراءات فورية ومُنسَّقة للحد من الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة ودعم التنمية الخضراء الشاملة للجميع والقادرة على الصمود قد يحد من نطاق الهجرة بسبب تغير المناخ بنسبة تصل إلى 80 بالمئة.
أزمة إنسانية كونية
قال الخبير الدولي في السياسات المناخية حسام الدين محمود، إن الاعتقاد السابق كان يحصر تأثير ظاهرة تغير المناخ على الأمن المائي والغذائي فحسب، قبل أن تمتد الأزمات لتطول الأمن الصحي والأمن الإنساني بشكل عام.
وأوضح محمود في تصريح لـ"جسور بوست" أن بعض المناطق في القارة الإفريقية شهدت هجوما من الحيوانات على البشر، بسبب أزمة اختلال التوازن البيولوجي التي خلفتها ظاهرة تغير المناخ، ما يهدد الأمن الصحي للمواطنين.
وأضاف: "نحن أمام موجات نزوح ضخمة لبعض الشعوب خاصة في إفريقيا والمنطقة العربية، بسبب ندرة المياه والجفاف والتصحر وشح الغذاء، في المقابل لم تنفذ الدول الكبرى حتى الآن سياسات التكيف مع تغير المناخ لإنقاذ هذه الدول".
وأشار محمود إلى أن قمة المناخ "cop 27" التي انعقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية الشهر الماضي، شهدت إطلاق صندوق لتمويل الخسائر والأضرار، ولكن دون الإعلان عن آلية عمل الصندوق أو حجم تمويله.
ومضى قائلا: "هناك مخاوف حقيقية من تجاوز درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة، لأن ذلك يعني تداعيات أشد وحشية وقسوة على البشر والحياة البرية والنظم البيئية، حيث يواجه العالم أزمة إنسانية كونية من الطراز الأول".
وحذر الخبير الدولي من خروج أزمة تغير المناخ عن السيطرة، ما يحول دون مواجهتها أو التصدي لآثارها السلبية الكبرى، مستشهدا بأحدث تقارير للحكومة الدولية المعنية بتغير المناخ والذي توقع حدوث كوارث إنسانية إذا ارتفعت درجة حرارة الأرض درجتين.